كتبت: كيت موران
هذا المقال مترجم من الانجليزية من قبل المنتدى الاقتصادي السوري عن موقع "هافنجت بوست".
مع دخول سوريا بالعام السادس من الصراع، أصبحنا نعلم أكثر عن مبادرات المنظمات غير الحكومية الدولية والحكومات في تقديم المساعدات الإنسانية للتخفيف من معاناة اللاجئين. ولكن هذه المساعدات تكون موجهة عادة نحو الحلول الطارئة قصيرة الأمد وذات تأثير كبير، وغالبا ما يكون غير رسمي: النشاط الاقتصادي يكون خارج نطاق التنظيم الحكومي، والضرائب، والمراقبة. بينما الحلول على المدى الطويل تكون حلولا مستدامة ومهمة، وعادة تكون جزءا من استراتيجيات الإنماء والتطوير على النطاق الواسع. تميل هذه الاستراتيجيات الى التركيز على تلبية احتياجات العمل وتعزيز حقوق العمال في الأسواق الرسمية، دون التطرق الى الهياكل الاقتصادية الموجودة. يجب أن تكون الإغاثة الإنسانية أكثر فعالية من خلال دراسة أعمق لعدم الرسمية، التي تدعم الكثير من التحديات الاقتصادية التي تواجه السكان الأكثر ضعفا في العالم.
أكثر من 50٪ من القوى العاملة في العالم تعمل في القطاع غير الرسمي، من دون شبكة أمان أو حماية القانونية من أي نوع. معظمهم يواجهون قيودا تمنعهم في وصولهم إلى الأسواق الرسمية والتمويل والائتمان والتعليم والتدريب وفرص التقدم الوظيفي. وهناك سوق موازي يعمل بعيدا عن إمكانات وحدود القطاع الرسمي. ومع ذلك، فإن القطاع غير الرسمي هو ميزة اقتصادية سائدة ومستمرة لكثير من الاقتصاديات النامية، ما قد يؤدي إلى خلق فرص العمل والإنتاج وزيادة الدخل. وبالمثل، فقد استفادت الاقتصادات النامية من وجود القطاع غير الرسمي لتلبية مطالب العمال الذين لا يجدون فرص في السوق الرسمي. الحاجة إلى تلبية هذه المطالب العمالية ذات أهمية متزايدة، بسبب الأزمات العالمية وارتفاع الهجرة والقوة لتوسيع موارد الطاقة لاستيعاب هذا التدفق.
ان اللاجئين والمشردين داخليا مهمشين اقتصاديا ومعرضين لخطر الاستغلال، وزاد من ذلك الاقتصاد الغير الرسمي. الاقتصاد غير الرسمي في كثير من الأحيان يوقعهم في حلقة مفرغة من الفقر والتهميش الاجتماعي. وعلاوة على ذلك، فإن القطاع غير الرسمي يسهل انتهاكات حقوق الإنسان، التي تسعى الإغاثة الإنسانية لمكافحتها وهو ما يعتبر صميم العمل الإنساني.
وقد أدى الصراع السوري، الذي أنتج ما يعتبر أسوأ أزمة لاجئين منذ الحرب العالمية الثانية، حيث فر 2.5 مليون نسمة الى تركيا و1.1 مليون الى لبنان وحوالي 0.5 مليون الى الاردن. وأخذ مئات الآلاف قرارا خطيرا لمحاولة عبور البحر الأبيض المتوسط أملا في الوصول إلى أوروبا.
وتوجد خطط الإغاثة الإنسانية لخمس دول في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا -الأردن، لبنان، تركيا، مصر، والعراق – كجزء من استراتيجية شاملة لمواجهة أزمة اللاجئين المعروف في خطة اللاجئين الاقليميين والصمود. التنمية الاقتصادية لها دور بارز في الخطة، والأولوية هي لتوسيع الفرص للاجئين داخل الأسواق الرسمية لهذه الدول. ومع ذلك لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به لمواجهة الأسباب الجذرية ومحاربة العشوائية.
من ناحية أخرى، وتشمل كل من خطط خطة اللاجئين الاقليميين والصمود الإقليمية والقطرية مكونات متطورة تركز على دفع عجلة الإصلاح السياسي وتعزيز مهارات الحياة والتدريب المهني، وخلق فرص العمل. في حين أن هذه كلها أهداف إيجابية تعزز الخطة ليكون لها تأثير ملموس على حياة اللاجئين السوريين الذين يعملون حاليا أو المعرضين لخطر العمل في القطاع الغير الرسمي، نحتاج مزيدا من التركيز لخلق ودعم الروابط بين سبل العيش وعناصر التنمية الأخرى. تناقش محادثات خطة اللاجئين الاقليميين والصمود انقاص “الضعف الاقتصادي” للاجئين من خلال برامج الدعم، و “تصعيد” فرص كسب الرزق، وزيادة دور الشباب المتعلم في اقتصادات البلدان المضيفة، إلا أنها تفتقر إلى استراتيجية واضحة لرسم علاقة بين مكافحة ا انتهاكات حقوق الانسان والاستغلال في القطاع غير الرسمي مع الحاجة لتسهيل إيجاد حلول أفضل وأطول أجلا للنازحين السوريين.
ان المساعدات الإنسانية والجهود المبذولة للتخفيف من الاقتصاد الغير الرسمي تعود الى تفاصيل كل بلد. وقد زادت تدفقات الهجرة ضغوطا إضافية على الاقتصاد المثقل وهياكل الخدمة الاجتماعية التي تعاني من ضغط مسبق في البلاد المجاورة لسوريا. وبسبب هذا، فقد وضعت العديد من الحكومات المضيفة قيودا على حقوق السوريين في العمل أو مواصلة النشاط الاقتصادي في الأسواق الرسمية. والنتيجة هي ثلاثة أضعاف: خلق هياكل اقتصادية غير رسمية، قامت بتوفير منافسة الصناعية غير المنظمة وأعداد كبيرة من اللاجئين يعملون بأوضاع عمل خطرة واستغلالية وبالتالي زيادة انتهاكات حقوق الإنسان؛ والإمكانيات الاقتصادية للاجئين لا تزال غير محققة. ومع ذلك، فهناك محاولات أكبر لإدماج عمال القطاع غير المنظم مع الاقتصاد و بالتالي الاستفادة من اللاجئين في البلدان المضيفة.
خطة اللاجئين الاقليميين والصمود تعتبر بداية جيدة للسوريين، ولكن ماذا عن اللاجئين الآخرين والمجتمعات الضعيفة؟ ان المخاطر المرتبطة بالاقتصاد غير الرسمي بها ليست حكرا على النازحين السوريين. ماذا عن البلدان التي لا تأخذ تدخلات التنمية الاقتصادية على محمل الجد، أو لا تعالجها بطريقة شاملة متعمدة؟ العشوائية تعتبر قضية عالمية، ولا تزال منتشرة في أفريقيا وأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، وفي مناطق أخرى من جميع أنحاء العالم. و إيجاد الحلول ممكن فقط من خلال معالجة هذه العشوائية و بذل جهود أوسع لمعالجة انتهاكات حقوق الإنسان ومكافحة الاستغلال الاقتصادي.
التنمية الاقتصادية هي المحور الاساسي للعديد من مجالات التنمية الأخرى. حيث أن توسيع الفرص المتاحة في الأسواق الرسمية يجب أن يكون العنصر الأساسي للتنمية. في حين أن المساعدات الإنسانية يجب أن تستمر لتوفير الإغاثة في حالات الطوارئ لكن يجب أيضا أن تتفاعل مع جهود التنمية الاقتصادية من خلال العمل على إصلاح الأطر القانونية والتنظيمية التي تمكن الرسمي لتزدهر، وتعزيز النمو الاقتصادي الذي يوسع الأسواق الرسمية. في نهاية المطاف، سيكون فقط استراتيجيتين على المدى القصير، والتدخلات التي تعمل على التنمية الاقتصادية على المدى الطويل جنبا إلى جنب من شأنها أن تقلل العمل الاستغلالي، وتحسين القيمة العالمية والنمو وتأمين المجتمعات بطريقة مستدامة وشاملة. المساعدات الإنسانية التي تقدم إلى النازحين السوريين، ان ركزت بشكل أكبر على الإطار الغير الرسمي، من شأنها أن تكون أكثر استدامة وتقدم نموذجا للجهود الأخرى المبذولة في المساعدات الإنسانية.