مقايضة الدَيْن بأعمال المناخ: الطريق لحل الأزمة الثلاثية العالمية

[addthis tool="addthis_inline_share_toolbox_pvdf"]

كتبت: سهام فاروق
محلل مالي متخصص في المالية العامة والتمويل المستدام بوزارة المالية المصرية

نشر المقال على موقع المستقبل الأخضر في يوم 20 يوليو 2022

في ظل ما يشهده العالم من أزمات متتالية: من تداعيات جائحة كوفيد 19 وأزمات الغذاء والتضخم العالمية التي يعاني منها العالم الآن والذي لم يشهده منذ عقود طويلة علاوة على أزمة التغيرات المناخية وما يمثله من تهديدات على كافة الدول ولاسيما الدول النامية والتي متأثرة إلى حد كبير بالتغيرات المناخية على كافة الأصعدة.

تعكف كافة الدول حالياً على البحث عن مخرج لهذه الأزمات وما استتبعه من تأثيرات سلبية على اقتصاداتها، حيث يلوح في الأفق حالياً أزمة خاصة بالدين العام والذي تفاقم بشكل كبير في أكبر طفرة خلال عام واحد منذ الحرب العالمية الثانية، حيث وصل الدين العالمي إلى 226 تريليون دولار عام 2020.

فليس هناك مخرج من الأزمة الحالية والتي أدلت بظلالها على كافة الدول بلا استثناء وبلا رحمة - خاصة الدول النامية التي ليس لديها حيز مالي كافي للتعامل مع الأزمات الحالية - سوى من خلال اتباع نهج تعاوني عالمي يمكن أن يقدم عدة حلول مقترحة سيتم استعراضها تباعا على سيادتكم، ولعل أبرزها مقايضة الدين مقابل أعمال المناخ.

مبادرة مقايضة الدين مقابل أعمال المناخ هي مبادرة تم إطلاقها من قبل الأمم المتحدة تقضي بتحويل مدفوعات الديون الخارجية التي تخدم الديون الوطنية إلى استثمار ات محلية لتنفيذ مشاريع قادرة على التكيف مع تغير المناخ من خلال ترتيبات تعاونية بين الجهات المدينة والدائنة والمانحة، وذلك في محاولة للتصدي لتداعيات التغيرات المناخية بشكل مشترك، لحشد تمويل المناخ من البلدان الغنية (المسؤولة الرئيسية عن التلوث) من أجل دعم البلدان المنخفضة الدخل (التي تتحمل عبئاً كبيراً غير متناسب مع نسبة مساهمتها في التلوث العالمي)

فنجد بعض الجهات الدولية التي قامت بإطلاق مبادرات في هذا الشأن من بينها اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا التابعة للأمم المتحدة (الإسكوا) والتي أطلقت في ديسمبر 2020 مبادرة مقايضة الديون لتمويل المناخ وأهداف التنمية المستدامة في المنطقة العربية والتي تعمل على دعم الدول الأعضاء في سعيها الدؤوب إلى تمويل العمل المناخي، وتحمّل أعباء الديون الثقيلة، ومواجهة الضغوط المالية التي اشتدّت بفعل جائحة كوفيد - 19 وما خلّفته من تبعات.

تهدف تلك المبادرة إلى تحقيق هدف مزدوج يتمثل في تخفيف أعباء الديون في الدول العربية منخفضة ومتوسطة الدخل وتحسين الموارد المخصصة للنفقات الاجتماعية والبيئية، والتي يمكن أن تساعد في تسريع تنفيذ أهداف التنمية المستدامة واتفاقية باريس. حيث تقضي المبادرة بتحويل مدفوعات الديون الخارجية إلى استثمار ات محلية لتنفيذ مشروعات قادرة على التكيف مع تغير المناخ من خلال ترتيبات تعاونية بين الجهات المدينة والدائنة والمانحة اعتباراً من عام 2021 حتى عام 2030.

لذا فإن مصر لديها فرصة ذهبية للاستفادة من تلك المبادرات لخفض الدين الخارجي لديها نظراً للفوائد التي قد تعود عليها والتي قد تشمل زيادة مدفوعات المساعدة الإنمائية الرسمية بتمويل العمل المناخي؛ تعزيز القدرة على الاستفادة من تمويل الجهات المانحة لآلية مقايضة الديون؛ الإسراع في تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتنفيذ اتفاق باريس؛ دفع التقدم في تحقيق أهداف التكيف/ التخفيف العالمية، تقليل احتمال المخاطر المعنوية وإمكانية استبدال مدفوعات الدين بالاستثمارات وأيضاً تعزيز الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، شريطة ألا يؤثر ذلك على تصنيفات استدامة الدين العام لديها، وللحديث بقية..


* الآراء الواردة بالمقال تعبرعن رأي كاتبه، ولا تعكس بالضرورة عن رؤية مركز المشروعات الدولية الخاصة

TOP