أجرى الحوار: أحمد الصاوي
كاتب صحفي
26 عاماً كاملة قضاها سيد دياب في مجال أجهزة الصوت والترجمة والعرض اللازمة لتنظيم المؤتمرات كفني صوت ومشرف على أعمال تجهيزات مؤتمرات، والسنوات الست الأخيرة منهم وحتى الآن يدير شركته الخاصة في هذا المجال، ويشارك بأعماله في الكثير من المؤتمرات والندوات وورش العمل التي تنظمها منظمات مجتمع الأعمال والجمعيات الاقتصادية ومراكز البحوث.
رغم أن دياب يقول إن المناقشات التي تدور عادة حوله خلال عمله مع أهميتها لا يلتفت إليها كثيراً بسبب تركيزه الدائم فى أعماله، وفي محاولاته التأكد المستمر من جودة الخدمة المقدمة ودقة الصوت وسلامة الأجهزة، إلا أن مناقشات بعينها كانت تجذب اهتمامه، فينصت لها، ما كان له أثر كبير في تنمية كثير من معارفه خصوصًا في الشأن الاقتصادى وممارسة الأعمال.
يضيف دياب إن ورش العمل والمؤتمرات التي نظمها مركز المشروعات الدولية الخاصة، على سبيل المثال تلك المتعلقة بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة والاقتصاد غير الرسمي والتمويل وبناء الثقة وإعداد دراسات المشروعات تشد انتباهه، ويستفيد منها بشكل كبير في أعماله، وفي ثقافته في التعامل في السوق وفي الترويج لمشروعه، وفي التعامل مع المؤسسات الحكومية.
عندما قرر سيد دياب أن يبدأ مشروعه الخاص، قرر من البداية أن يعمل من داخل القطاع الرسمي، عبر تسجيل شركته تسجيلاً كاملاً واستخراج السجل التجاري والبطاقة الضريبية وغيرها من الاشتراطات اللازمة حكومياً، ويقول إن قراره لم يكن اختيارًا بين خيارات متعددة، فمعظم أعماله مع مؤسسات حكومية ومؤسسات خاصة تريد التعامل مع كيانات رسمية، وتحب تسجيل معاملاتها ومصروفاتها في عقود وفواتير، وهم النسبة الأكبر من عملائه، إلى جانب إحساسه بأن يكون في "السليم" على حد تعبيره، دون شعور أنه مطارد أو متربص به، أو حتى على "رأسه بطحة".
لكنه فى الوقت نفسه لا ينكر أنه يعاني داخل هذا القطاع الرسمي، معتبرًا أن التعسف فى التقدير الضريبي أهم مشاكله، حيث يواجه بإصرار على إثبات جميع مصروفاته، لكن حسب قوله، هناك مصروفات لا يستطيع إثباتها، لأنه أيضاً مضطر للتعامل مع السوق غير الرسمي ومع زملائه سواء فى تأجير المعدات أو صيانتها، بدون فواتير، وهي جزء من التكاليف، إلى جانب إحساسه أن الدولة تنظر له باعتباره "مُموِّل" مهمته بالنسبة لها سداد ضرائب ورسوم باستمرار وعلى كل الخدمات ومع تنوع الأشكال الضريبية والرسوم الجبائية تصبح المسألة وكأن هناك من يطاردك لتدفع، وفي الوقت نفسه لا يساعدك لتعمل، خصوصًاً أن سوقًا كالذي يعمل به، مرتبط في الأساس بازدهار النشاط الاقتصادى والسياحي والفعاليات المصاحبة، تضرر كثيراً منذ قيام ثورة يناير في 2011، ولم يجد دورًا للدولة في مساعدته، والنهوض به، وإنما "محاولات من الدولة لحل مشاكلها على حسابه".
يعتقد سيد دياب إن الاقتصاد غير الرسمي لا يعاني مثل هذه المعاناة، ولديه ما يصفه "بحيوية" أكثر ومرونة فى أسعار الخدمات تجعله يضرب المنافسة مع الكيانات الرسمية بأسعار ليست مُحملة بكل التكاليف التي تثقل أعباء الشركات الرسمية، وهذه إحدى مكامن الخطر من وراءه على القطاع الرسمي، خاصة أن مرونته تلك تخلق إقبالاً عليه عند من تكون الأسعار هي معياره الوحيد في اختيار مقدم الخدمة، في المقابل، توفر شركته حوالي 6 وظائف منتظمة ومسجلة تأمينياً، غير ما تدفعه من رسوم وضرائب ما يجعل المنافسة غير عادلة.
ورغم ذلك، لا يرحب دياب بأي محاولات لإصدار مزيد من القوانين الجبرية التي تلزم الناس بدخول القطاع الرسمى عبر الترهيب بسيف القانون، ويعتقد أن الأمر يحتاج أن تتبنى الدولة سياسات الهدف منها هو التسهيل والتيسير على الراغبين فى الاستثمار وبناء مشروعاتهم الصغيرة والمتوسطة عبر إجراءات أقل تعقيداً ودعم أكثر، مع منح حوافز تمويلية وضريبية واضحة لمن هم فى القطاع الرسمي حتى يستمروا في القطاع من جهة، وحتى يجد من يرغب في الالتحاق بالجانب الرسمي ما يحفزه على الإقدام على هذه الخطوة من جهة أخرى.