الحوار الوطني اليمني: الإصلاح الاقتصادي حجر الزاوية لانتقال ديمقراطي ناجح

شارك

[addthis tool="addthis_inline_share_toolbox_pvdf"]

كتب- ماتيو جودوين

هذه المدونة مترجمة عن الأصل باللغة الإنجليزية: Yemen’s National Dialogue: Economic Reform Key to a Successful Democratic Transition

أتاحت انتفاضات الربيع العربي فرصة غير مسبوقة فيما يتعلق بالتغيير والإصلاح لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ومنذ ذلك الحين، جرت مياه كثيرة: فوصلت الحكومات الجديدة إلى السلطة في تونس ومصر وليبيا واليمن، ورغم هذا التغيير فقد ظهرت العديد من التحديات فيما يخص التحولات السياسية في المنطقة، والسعي لبناء دولة المؤسسات، وإقامة الأطر السياسية والقانونية الجديدة، ووضع الأسس لتحقيق الازدهار الاقتصادي. ففي اليمن، هيمنت التهديدات الأمنية والأزمات الإنسانية -في كثير من الأحيان- على عملية الحوار الوطني، والتي على الرغم من التحديات التي شابتها، مثل الطائفية والتهديدات الأمنية والشواغل الإنسانية، يظهر في الأفق إمكانات هائلة للمساعدة في بناء يمنٍ أفضل.

ففي 25 يناير 2013، عقد برعاية مركز المشروعات الدولية الخاصة CIPE مؤتمر تحت عنوان: "الحوار الوطني اليمني: التحرك قدمًا"، حضرته السيدة/ أمة العليم السوسوة - مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة، مديرة المكتب الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في منطقة الشرق الأوسط، والوزيرة السابقة لحقوق الإنسان في اليمن- حيث ألقت الضوء على أهمية الإصلاح الاقتصادي، وأكدت على أن الانتقال الناجح للديمقراطية وتحقيق الأمن في اليمن، لن يتم إلا بإتاحة إمكانيات أكبر للوصول إلى الفرص الاقتصادية للمواطنين اليمنيين.

وقد روعي في تصميم الحوار الوطني أن يضم جميع أصحاب المصلحة المعنيين في إعادة بناء الإطار السياسي والقانوني الذي يحكم اليمن. ولم يشهد بلد آخر في المنطقة مثل هذه العملية، فهذه الخطوة التاريخية قد تساعد اليمن في تجنب بعض آلام النمو مما شهدته أماكن أخرى بعد الثورة. إن الحوار الوطني أمر حاسم لمستقبل البلاد؛ لأنه قد يساعد في إعادة تشكيل الأوضاع السياسية، والقانونية، والمجتمعية في اليمن، وسيحدد ما إذا كانت البلاد تمتلك الإطار المؤسسي الذي يؤهلها لمعالجة التحديات مثل الأمن، والاحتياجات الإنسانية، والاقتصاد المضطرب.

وتأتي معالجة القضايا الاقتصادية -التي كانت من بين الأسباب الجذرية لثورة 2011- من بين المهام الأكثر حيوية في الحوار الوطني. ومن أجل إنشاء إطار قانوني من شأنه دعم النمو الاقتصادي، يجب أن تأتي المدخلات في الحوار الوطني من خارج الحكومة، خاصة من مجتمع الأعمال.

في ظل نظام الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، تم تهميش القطاع الخاص اليمني سياسيًّا إلى حد كبير، غير أن سقوط نظام الرئيس صالح خلق مساحة أكثر انفتاحًا من الوجهة السياسية؛ مما يسمح للقطاع الخاص بإمكانات المساعدة في صياغة سياسات اقتصادية قابلة للاستمرار وسريعة الاستجابة لمتطلبات الواقع. وللاستفادة من هذه الفرصة الجديدة لتعزيز الإصلاحات القائمة على التوجه نحو اقتصاد السوق، تعاون مركز المشروعات الدولية الخاصة CIPE بشكل وثيق مع مجموعة من كبار رجال الأعمال اليمنيين، فضلا عن الشركاء المحليين، مثل: مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان (HRITC)، ومنتدى التنمية السياسية (PDF)، ومركز الدراسات والإعلام الاقتصادي (SEMC).

وخلال هذا التعاون، ساعد مركز المشروعات الدولية الخاصة CIPE أصحاب المصلحة المعنيين لصياغة وثيقة حول "رؤية القطاع الخاص"، تعكس أولوياتهم فيما يتعلق بالحوكمة الديمقراطية، والإصلاح الاقتصادي، والتنمية. وعلاوة على ذلك، ساعد المركز فريقًا محليًّا من كبار رجال الأعمال لبناء توافق في الآراء حول هذه الوثيقة على المستويات المحلية والوطنية والدولية، وسيواصل مساعدة القطاع الخاص من أجل ضمان إسماع صوته في عملية الحوار الوطني. ونتيجة لتلك الجهود، فقد بدأ القطاع الخاص اليمني -وللمرة الأولى- العمل بشكل تعاوني لوضع خطة من أجل تعزيز مناخ الأعمال في اليمن، لحشد الدعم المحلي والدولي لإصلاح القطاع الخاص، والتعامل مع المجالات المحددة التي تحظى باهتمامه.

إن القطاع الخاص هو الرابط بين السياسة والاقتصاد، مع القدرة على أن يكون بمثابة محرك النمو الاقتصادي المستدام، لذلك فمن الأهمية بمكان بناء قطاع خاص صحي ومتأهب للعمل. فالاقتصاد يعد بمثابة نقطة تجمع رئيسية لتوحيد الجماعات السياسية المتباينة في اليمن، ومع إدراج القطاع الخاص في الحوار الوطني، يمكن للاقتصاد أن يلعب دورا في دمج هذه الجماعات، بدلا من تفككها.

إن الطريق نحو إنشاء اقتصاد مستقر ونظام سياسي في اليمن ما زال طويلا، ولكن ما تم إنجازه لا يظهر قوة القطاع الخاص المنظم فحسب، ولكنه أيضًا يبعث على التفاؤل الحذر تجاه مستقبل اليمن.

Hello World!

TOP