البرامج التنموية للمرأة.. ما لها وما عليها

كتبت: هبة عمرو
مديرة برامج تنموية ومدربة في مجال التعايش

مع حلول الألفية الجديدة بأهدافها الإنمائية التي نصت عليها الأمم المتحدة، بدأت العديد من المنظمات الدولية تُخصص بعض البرامج والمشروعات الموجهة خصيصا للمرأة. تأتي هذه البرامج كنوع من التمييز الإيجابي في محاولة لمواجهة التمييز السلبي الذي طال المرأة لعقود طويلة.

أمثلة على هذه البرامج هي المنح المالية أو الفنية (كالاستشارات القانونية والإدارية) للشركات التي يغلب على مجالس إدارتها النساء، أو تخصيص جزء من ميزانية المشروع كبدل حضور وبدل انتقال للمشارك الذي يُحضر زوجته معه، أو بناء مأوى للنساء اللاتي يتعرضن للعنف المنزلي... إلخ

وعلى الرغم من الصحة الجزئية للفرضية التي بنيت عليها تلك البرامج، وهي أن هناك ظلما شديدا يقع على النساء بالفعل، وعلى الرغم من استفادة العديد من النساء من تلك البرامج، إلا أن الأثر الحقيقي لتلك البرامج مازال محل تساؤل.

لماذا؟..

أفعال ظاهرة لإرضاء المموّل

من الملاحظ أن بعض المستفيدين دائما باستطاعتهم تجميل ظاهر أفعالهم ولَيّ عنق الحقائق لتتماشى مع أهداف البرامج والمشروعات التنموية، مثلا ينشيء الرجل شركته ويديرها ويتربح منها لكن يكتب اسم زوجته وربما أخته ووالدته كشكل صوري بمجلس الإدارة للحصول على الدعم من المنظمات الدولية. وربما يأتي الرجل بزوجته لتحضر برنامج تدريبي معين فقط ليحصلا على مقابل مادي، وربما يكتب بالتقييمات ما يُرضِي أهداف المموّل فقط ليستطيع معاودة المشاركة لكن أفكاره الحقيقية كما هي.

يظهر ذلك بوضوح في بعض البرامج قصيرة الأجل، ففور انتهاء البرنامج "تعود ريما لعادتها القديمة" كما نقول، وكأن شيئا لم يكن. وهنا يطرح سؤال عن مدى إمكانية استدامة تلك البرامج إذا كانت تستهدف فقط أعلى الجبل الثلجي للسلوك البشري وهو ظاهر الأفعال، ماذا عن الدوافع والمعتقدات التي تحول دون استدامة تلك السلوكيات؟

التوتر المجتمعي

بعض الحلول والمشروعات تناسب مجتمعا دون الآخر، فمثلا في بعض المجتمعات مشروع مثل إنشاء مأوى للنساء اللاتي يتعرضن لعنف ليس هو الحل الأمثل. كذلك بعض الشعارات من شأنها أن ترسخ فكرة الصراع بين الرجل والمرأة، وهي فكرة لا أساس لها من الصحة ومن شأنها أن تعقّد الأمر أكثر، ولا تساعد على بناء المجتمعات.

نوع التدخل المطلوب

ربما التدخل الحقيقي الذي يحتاجه المجتمع هو رفع الظلم عن كافة أفراده رجالا ونساء.

ربما يحتاج الأمر لخلق استراتيجيات تساعد علي الاستدامة من قبل هذه المؤسسات، ودراسة متعمقة لكل مجتمع لمعرفة المشكلات المميِزة له دونا عن غيره، وبالتالي الحلول الأنسب كذلك.

ربما لا تكفي ورقة أو جلسة موضوعا بحجم حقوق المرأة، فهو ميراث طويل من الفعل ورد الفعل، ميراث تأثر بكل الأحداث السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

ومثلما نحارب فرض العادات والتقاليد القديمة على المرأة، كذلك يجب ألا تتحول المفاهيم الجديدة لإرهاب من نوع آخر إذا افترضنا صحتها ومناسبتها لكافة النساء. ويبقي دائما جوهر المشكلة ومفتاح الحل في المرأة نفسها، فيما تحب وما تريد. فهل نعطيها الفرصة لتختار دون أحكام مسبقة أو قوالب جاهزة؟؟


هذه التدوينة جاءت تبعا لمشاركة هبة عمرو في ندوة مركز المشروعات الدولية الخاصة عبر الإنترنت في مارس 2018 عن البرامج التنموية الهادفة إلى تشجيع المرأة على العمل الحر وتفعيل دورها في عملية النمو الاقتصادى.

TOP