درس من بيرو للشرق الأوسط وشمال إفريقيا

شارك

[addthis tool="addthis_inline_share_toolbox_pvdf"]

كتب: برينت روث

كان هيرناندو دي سوتو (Hernando de Soto) رئيس معهد الحرية والديمقراطية (ILD) في ليما (عاصمة بيرو بأمريكا اللاتينية) هو أول من قام بإنجاز كبير بعد تأسيس مركز المشروعات الدولية الخاصة عام 1983. فقد كان هو أول مَن طرح الرؤية القائلة بأن الفقراء ليسوا جزءًا من مشكلة التنمية، وإنما هم جزء من حلها. وقد شرح في كتابيه الأكثر مبيعًا "الطريق الآخر" و"سر رأس المال"، أن الافتقاد إلى الحصول على حقوق الملكية وغياب غيرها من مؤسسات اقتصاد السوق، هو السبب وراء حصار الفقراء في معظم البلدان النامية داخل نطاق القطاع غير الرسمي.

وكان من أوائل برامج مركز المشروعات الدولية الخاصة على الإطلاق، ذلك التحالف الذي بدأه المركز مع دي سوتو ومعهد الحرية والديمقراطية، لتحويل الفقراء في بيرو من العمل خارج إطار القانون، إلى الاقتصاد الرسمي الخاضع لسيادة القانون. وكان من نتائج الجهد الفريد والمبتكر لمعهد الحرية والديمقراطية في مجال حقوق الملكية وإصلاح قطاع الأعمال، حصول المجتمع البيروفي على 18.4 مليار دولار أمريكي في الفترة من 1992 إلى 1997، بما في ذلك توفير تكاليف بيروقراطية على الملاك في الحضر، الذين يعملون داخل إطار القطاع الرسمي، تقدر بـحوالي 196 مليون دولار.

وعلى مدى العشرين عامًا الماضية، التزمت الحكومات في بيرو بدعم المفاهيم الأساسية وراء برنامج معهد الحرية والديمقراطية، وطبقت إصلاحات مهمة في هذا المجال، أحدثت -إلى جانب الأسعار القياسية للسلع الأولية- نتائج اقتصادية استثنائية. فطوال الفترة من 2000 إلى 2011 لم يحقق أي اقتصاد في بلدان أمريكا اللاتينية والكاريبي معدل نمو أعلى مما تحقق في بيرو، حيث بلغ متوسط معدل النمو السنوي فيها 5.75%.

وبالأمس القريب كان هيرناندو دي سوتو -مرة أخرى- في ضيافة مركز المشروعات الدولية الخاصة في واشنطون، ليناقش مع المسئولين فيه تاريخ ومدى تقدم العمل الذي يضطلع به معهد الحرية والديمقراطية في بيرو، وكذلك بحث كيفية استخدام الدروس المستفادة من هذه التجربة للمساعدة في بلورة عملية الإصلاح في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في أعقاب الربيع العربي.

وقد أوضح دي سوتو، خلال تعليقاته، أن جذور الحركات الاجتماعية واسعة النطاق في مصر وتونس وليبيا والجزائر، إنما هي ذات طبيعة اقتصادية. وهو الرأي الذي اتفقت معه مداخلات عدة حول هذه القضية، ففي مدونة حديثة –منشورة هنا- على سبيل المثال، قدمت موللي بريستر تفسيرًا للربيع العربي، انطلاقًا من الجهد البحثي لمعهد الحرية والديمقراطية في بيرو. وقد بحث المعهد في العامين السابقين الأسس الاقتصادية للربيع العربي ومسألة زيادة الوعي بها، وبالفعل أخذ هذا الجهد يؤتي ثماره. حيث يقدم معهد الحرية والديمقراطية الآن المشورة لصناع  السياسات ومنظمات المجتمع المدني في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بشأن الإصلاحات الضرورية لدعم بيئة مواتية لريادية الأعمال في بلدان المنطقة.

ومن المتوقع لجهود إصلاح النظم السياسية والاقتصادية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أن تستغرق سنوات طويلة، كما أن نتائج هذه الإصلاحات لن تكون فورية، فمثلما كان في بيرو أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات، حدد هيرناندو دي سوتو ومعهد الحرية والديمقراطية الأسباب الجذرية للاضطرابات هناك في الافتقار إلى: حقوق الملكية، والحصول على رأس المال، والمعاملة المنصفة تحت حكم القانون. ويتضح من عمل معهد الحرية والديمقراطية في بيرو، وفي الأسواق الناشئة بمختلف أرجاء العالم، أن الأسواق تحتاج إلى جعل الفقراء جزءًا من العملية الديمقراطية، وأن تشكل المشاركة المفتوحة في كل من الأسواق والحوار بشأن السياسات أساسًا للحوكمة الديمقراطية. ومن المؤكد أن دروس بيرو ستكون مفيدة جدًّا لبلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في السنوات المقبلة. 

Hello World!

TOP