كتب: جون كستر
منسق الإعلام الاجتماعي والاتصال بمركز المشروعات الدولية الخاصة
هذه المدونة مترجمة عن الأصل باللغة الإنجليزية: Eight of the World’s 10 Most Competitive Economies are Democracies
أطلق المنتدى الاقتصادي العالمي مؤخرًا أحدث تقارير التنافسية العالمية، والذي يقيم درجة التنافسية في 148 اقتصادًا حول العالم. ولم يكن بالتقرير ما يثير الدهشة بشأن الاقتصادات العشر الأكثر تنافسية، لكنه يبين في الوقت نفسه حقيقة مهمة: أن ثمانية منها هي لبلدان ديمقراطية حسب مؤشر الحرية في العالم لمؤسسة "فريدم هاوس" (جاءت سنغافورة في المركز الثاني، وجاء في المركز السابع هونج كونج الواقعة تحت السيادة الصينية، وكلا البلدين مصنفان في فئة "بلدان حرة جزئيًّا").
ما الأهمية في ذلك؟.. إننا في مركز المشروعات الدولية الخاصة نؤمن بأن التنمية الديمقراطية والاقتصادية تسيران جنبًا إلى جنب، فالمؤسسات الديمقراطية القوية تدعم مؤسسات السوق القوية، والعكس صحيح. لكن هذا الاعتقاد ليس هو السائد عند الجميع. فهناك من يشعر بأن القادة "الأقوياء" الذين يديرون الاقتصادات الموجهة يمكن أن يقودوا البلدان الفقيرة إلى الازدهار، وأن الانتخابات والمجادلات تعرقل هذه المسيرة.
وهذه بالتأكيد ليست فكرة جديدة، ففي الحقيقة كانت شائعة جدًا في مختلف البلدان النامية (سواء وسط اليمين أم اليسار) على مدى الستينيات والسبعينيات والثمانينيات. وكانت النتيجة هي الفشل الذريع في كل مكان مورست فيه هذه السياسات، باستثناء حفنة من بلدان جنوب شرقي آسيا التي سرعان ما تحولت إلى الديمقراطية بمجرد أن بدأت اقتصاداتها في الانطلاق.
وتعود هذه الفكرة للظهور مرة ثانية هذه الأيام، ويرجع السبب الأول في هذا إلى الأداء الاقتصادي القوي في الصين، وفي روسيا بدرجة أقل. كما أن القلاقل التي أعقبت الأزمة المالية عام 2008، جعلت الحكومات الديمقراطية في الاقتصادات المتقدمة تبدو ضعيفة وغير فعالة، بينما الكثير من بلدان الأسواق الناشئة الأقل ديمقراطية لم يصبها أذى تقريبًا، بسبب مراكمتها لاحتياطيات نقدية كبيرة، والتخلف النسبي للقطاعات المالية فيها.
وتُعتبر التقارير -مثل تقرير التنافسية العالمية- أداة تصحيح مهمة للرؤية القائلة بعدم أهمية المؤسسات الديمقراطية للأداء الاقتصادي. ويُعد التقرير مناسبًا بشكل خاص لتوضيح هذه النقطة؛ لأنه لا يأخذ في اعتباره المؤسسات وحدها، وإنما ينظر أيضًا إلى البنية التحتية، والتعليم والخدمات العامة، وبيئة الاقتصاد الكلي، وأسواق العمل، والقطاع المالي، والتجديد والابتكار. أي أنه بإيجاز، يحلل كل شيء يجعل الاقتصاد يقوم بوظائفه.
وتظل الحقائق الأساسية غير قابلة للجدل، فكل مجتمع كبير وغني وناجح اقتصاديًّا على الأرض تتم إدارته من خلال شكل من أشكال الحكم الديمقراطي. وبينما يمكن أن يتحقق أداء جيد في بعض البلدان ذات النظم السلطوية، مثل سنغافورة (بسبب وجود قيادة استثنائية، وقدر كبير من الحظ) فإن الغالبية الساحقة من البلدان المحكومة بنظم سلطوية ما زالت تتردى في الفقر والفشل الاقتصادي. بل إنه حتى البلدان الغنية بالموارد الطبيعية الهائلة، تجد صعوبة في ترجمة هذه الهبة إلى رفاهية واسعة النطاق ومستدامة في ظل غياب المؤسسات الديمقراطية. ولكن كما يتبين من توقف بعض المصالح الحكومية الأمريكية عن أداء بعض وظائفها لفترة، فإن الديمقراطية ليست سهلة على الدوام، لكنها على المدى الطويل تستحق العناء من أجل تحقيقها.