الاقتصاد الرقمي يحقق أهداف التنمية العالمية

شارك

[addthis tool="addthis_inline_share_toolbox_pvdf"]

كتبت: كيت موران
مركز المشروعات الدولية الخاصة

هذه المدونة منقولة عن: WIIT Communique

نُظر إلى اختراع التليجراف باعتباره اختراعاً "أحدث ثورة شاملة في إنجاز الأعمال المختلفة، حيث أنه ومع مد خطوط التليجراف وتحسين قابلة البث من خلالها تمكن رجال الأعمال غرباً وجنوباً وشمالاً وفي كل مكان من الاستعانة بالتليجراف في طلب ما يريدونه وقت ما يريدون، وذلك دون الحاجة إلى ترك مكان أعمالهم."

ومع اختراع الهاتف، كان لتقنيات الاتصال أثراً تحولياً على أساليب إنجاز الأعمال على كافة مستوىات الصناعات والقطاعات، لا سيما مع السرعة المُلفتة التي كانت تتم بها المعاملات. ومروراً بذلك الزمن إلى وقتنا الحالي، فإن الطفرة التي حدثت بسبب استخدام الانترنت في هذا العصر الرقمي قد أدت إلى زيادة الأعمال القائمة على التجارة الإلكترونية – مثل علي بابا وأمازون وإيباي – كما أحدثت ثورة كبيرة في العلاقة بين المنتجين والموردين والمستهلكين.

وقد أدت زيادة انتشار وكثافة استخدام الإنترنت، بشكلٍ عام، إلى المساهمة بطريقة مباشرة في نمو أعمال التجارة الإلكترونية، مما ادى إلى مردود إيجابي بالنسبة لرائدات الأعمال والتجار والشركات الصغيرة والمتوسطة وغيرهم. وعلى الرغم من أن تطوير التجارة الإلكترونية قد قام أصلاً بهدف إيجاد آلية لتسهيل المعاملات، إلا أن "الاقتصاد الرقمي" قد تطور منذ ذلك الوقت وأضحى أداةً قوية لخلق فرص العمل وإتاحة سبل كسب الرزق. فقد مكّن رائدات الأعمال الطموحات من تجاوز العراقيل التي كانت تحول دون دخولهن السوق، ومن تنويع مصادر دخلهن، فضلاً عن تمكين التجار من تحريك الطلب على المصنوعات اليدوية عبر المواقع الإلكترونية، والتواصل مع الممولين للحصول على رأس المال، والتخصص في بيع منتجات بعينها في الأسواق الجديدة والناشئة. كما أصبحت الشركات الصغيرة والمتوسطة في الاقتصادات النامية – فضلاً عن قدرتها لحيازة الموارد – قادرة على الاتصال بسلاسل الإمداد المحلية والوطنية وحتى الدولية. ومن ثمة، فهي لم تتمكن فقط من التوسع في تقديم السلع والمنتجات، بل قامت أيضاً بتوظيف المزيد من الأفراد وإيجاد موارد دخل مستدامة، تنهض بالمستوى المعيشي وجودة الحياة.

بالتأكيد، فإن التجارة الإلكترونية تحمل الكثير من الفرص – ليس فقط بالنسبة للأعمال – ولكن أيضاً على صعيد التنمية العالمية. ففي عصرٍ الانترنت الذي يتسم بالعديد بالاضطرابات السياسية، سوف تصبح الأسواق الرقمية الجديدة والمبتكرة بدائل حيوية وضرورية في الأسواق المنعزلة ولرواد الأعمال المُهجرين بسبب الحروب والنزاعات. وفي وضع تعاني وسائل وقنوات التجارة التقليدي من تدمير أو إعاقة ، تقوم التجارة الإلكترونية بسد الفجوة، وذلك بتذليل المعوقات التي تحول دون دخول السوق، وتمكين المجموعات المهمشة على مر الزمن – أي رائدات الأعمال بشكلٍ رئيسي – من لعب دور مؤثر في الاقتصاد.

إن التجارة الإلكترونية – ومن يستعينون بها – وعلى الرغم من تذليلها لبعض الحواجز والعقبات، إلا أن تلك العراقيل تظل أكبر بالنسبة للبعض. فبينما نجح الأفراد في جميع الدول والمناطق في تحجيم البيروقراطية العقيمة من أجل تطوير الشركات والتجارة الرقمية، على نطاق أشمل، فإن ثورة التجارة الإلكترونية تمنع مشاركة العديد من الشركات والمكاتب الصغيرة. فبحسب مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، تنحاز المؤسسات الحالية وقواعد التجارة العالمية لمصالح الشركات الكبرى، تاركةً فرصاً محدودة فقط للشركات الصغيرة والمتوسطة. كما تشير الأبحاث الحديثة الصادرة عن كل من فيسبوك والبنك الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تحت عنوان "استبيان مستقبل الأعمال" إلى أن زيادة التجارة، "وخاصةً في الأسواق الناشئة ومع وجود السياسات الملائمة، ترادف انخفاض نسبة الفقر وزيادة فرص العمل وتعزيز النمو الاقتصادي وتعزيز الإنتاجية." وتُعد الشركات الصغيرة مصدر الغالبية العظمة من فرص العمل حول العالم، وعليه، ولكي تزدهر التجارة الإلكترونية، لا بد أن تكون الفرص المُتاحة لأصحاب الشركات الصغيرة ومتناهية الصغر في مقدمة استراتيجيات النمو الاقتصادي.

فما هو شكل التجارة الإلكترونية الناجحة إذاً من وجهة نظر الموردين في الأسواق الناشئة؟ وكيف يُمكن للمجموعات المُهمشة في الدول النامية – لا سيما رائدات الأعمال الحاليات والمحتملات – الاستفادة من الثورة الرقمية لتطوير أعمالهم وجعل أصواتهم مسموعة على الساحة التجارية؟ واقع الأمر أن ذلك قد تم بالفعل، حيث أنه في فلسطين، تُقبل السيدات على الاستفادة من قوة الإنترنت لتسويق منتجاتهن المنزلية عالمياً – كل شيء بدايةً من السجاد المصنوع من الصوف إلى قطع الحُلي. أما في نيجيريا، فتستخدم سيدات الأعمال تقنيات الهواتف المتنقلة في تعزيز مبيعات شركاتهن، بينما في باكستان، يتم تطبيق برنامج "القيادات النسائية في السياسات التجارية" بتمويل من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، يجري بموجبه إشراك السيدات وأصحاب الأعمال متناهية الصغر والصغيرة في حلقات نقاشية تتناول دور المنظمات التجارية والمرأة في تحديد وتأييد السياسات التجارية، وذلك بهدف التأثير على مجريات الحوار.

وتُعد السيدات حول العالم مصدراً غير مستغل لريادة الأعمال، وخاصة في الدول النامية التي تتولى النساء فيها دوراً رئيسياً في جني الدخل لعائلاتهن. ومن ثمة، فلا ينبغي التغاضي عن الفرص المحتملة التي تتيحها التجارة الإلكترونية والأعمال الرقمية. فالتجارب الناجحة في دول مثل نيجيريا وباكستان وفلسطين ينبغي استنساخها على نطاق أشمل وأوسع في دول اخرى. وعلى ضوء أهداف التنمية المستدامة – والتي من ضمنها الفجوة بين الجنسين – فإن توفير مسارات لعمل الشركات الصغيرة ومتناهية الصغر المملوكة لسيدات وتمكينها من المشاركة في الاقتصاد العالمي عبر "التجارة الإلكترونية" هو أمر بالغ الأهمية والتأثير.

من الناحية العملية، يجب ضمان وصول للإنترنت في المناطق التي تعاني من عدم التواصل حول العالم، وكذلك تزويد رائدات الأعمال وأصحاب الأعمال الصغيرة ومتناهية الصغر بالأدوات والتدريب التأهيلي لكي يتسنى لهم المشاركة – والمنافسة – بفاعلية في السوق العالمية. يتطلب ذلك أيضاً إعادة ترتيب الأولويات وإفساح المجال لتلك المنشآت على اجندة صياغة السياسات التجارية العالمية.

لايزال 4.3 مليون شخص غير متصلين بالإنترنت فلا تتوافر لهم البنية التحتية التي تتيح لهم الاستفادة من فرص التجارة الإلكترونية. بإمكان التجارة الإلكترونية أن تكون قوة عالمية نافعة وأن تساهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، ولكن فقط إذا ما تم توفير بيئة عادلة ومنصفة وفرص متساوية في المشاركة الاقتصادية للجميع. أما السيدات في الأسواق الناشئة فسيتعين عليهن لعب دور محدد، يتمثل في كونهن محركاً للنمو الاقتصادي الإيجابي وخلق فرص العمل وتوسيع موارد الرزق على مستوى العالم. وفي هذه الأثناء، سيتولين دوراً أبرز على الساحة التجارية، من خلال إحداث تغيير في طريقة إنجاز الأعمال وإيصال أصواتهن على صعيد الاقتصاد الرقمي.

Hello World!

TOP